responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 157
وَالنَّسْخُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ جَائِزٌ صَحِيحٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعَ وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِفَسَادِهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرِيقَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّهُ بَاطِلٌ عَقْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بَاطِلٌ سَمْعًا وَتَوْقِيفًا وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ النَّسْخَ لَكِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ مُسْلِمٍ مَعَ صِحَّةِ عَقْدِ الْإِسْلَامِ أَمَّا مَنْ رَدَّهُ تَوْقِيفًا فَقَدْ احْتَجَّ أَنَّ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه قَالَ لِقَوْمِهِ تَمَسَّكُوا بِالسَّبْتِ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ وَأَنَّهُ بَلَغَهُمْ بِمَا هُوَ طَرِيقُ الْعِلْمِ عَنْ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه أَنْ لَا نَسْخَ لِشَرِيعَتِهِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الْأَمْرَ يَدُلُّ عَلَى حُسْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى قُبْحِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ النَّاسِخُ وُجُودَ الْخَلَفِ الزَّوَالِ أَيْ زَوَالِ الْمَنْسُوخِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْإِبْطَالِ فَإِنَّ الْمُبْطِلَ لِلشَّيْءِ يَخْلُفُ زَوَالَهُ وَهُوَ أَيْ النَّسْخُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ بَيَانٌ مَحْضٌ لِانْتِهَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَنْتَهِي فِي وَقْتِ كَذَا بِالنَّاسِخِ فَكَانَ النَّاسِخُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عِلْمِهِ تَعَالَى مُبَيِّنًا لِلْمُدَّةِ لَا رَافِعًا إلَّا أَنَّهُ أَطْلَقَهُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ تَوْقِيتَهُ الْحُكْمَ الْمَنْسُوخَ حِينَ شَرَعَهُ فَكَانَ ظَاهِرُهُ الْبَقَاءَ فِي حَقِّ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ يُوهِمُنَا بَقَاءَ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَقْطَعَ الْقَوْلَ بِهِ فِي زَمَنِ الْوَحْيِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى النَّسْخِ عِنْدَ الشَّيْخِ هُوَ التَّبْدِيلُ وَالْإِبْطَالُ لُغَةً وَكَذَلِكَ شَرْعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عِلْمِ الْعِبَادِ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عِلْمِ صَاحِبِ الشَّرْعِ بَيَانٌ مَحْضٌ لِمُدَّةِ الْحُكْمِ.
قَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْقَوْلِ بِتَعَدُّدِ الْحُقُوقِ وَالْحَقُّ عِنْدَنَا وَاحِدٌ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ جَمِيعًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ، فَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادِ فَمُتَعَدِّدٌ حَتَّى وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ الْعَمَلُ بِاجْتِهَادِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ وَهَاهُنَا الْحَقُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ وَاحِدٌ وَهُوَ كَوْنُهُ بَيَانًا لَا رَفْعًا وَإِبْطَالًا؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ أَيْ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ إذْ لَا أَجَلَ لَهُ سِوَاهُ كَمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] وَالْمَوْتُ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا حَصَلَ فِي الْمَيِّتِ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا بِفِعْلِ الْقَاتِلِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَلِّدَاتِ وَفِي حَقِّ الْقَاتِلِ تَبْدِيلٌ وَتَغْيِيرٌ أَيْ إبْطَالٌ وَقَطْعٌ لِلْحَيَاةِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِسَبَبِ الْمَوْتِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَمْدًا وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً.

[النَّسْخُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ]
قَوْلُهُ (وَالنَّسْخُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ جَائِزٌ صَحِيحٌ) اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فِي جَوَازِ النَّسْخِ فَأَجَازَهُ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ سِوَى قَوْمٍ لَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِهِمْ وَفِرَقُ النَّصَارَى كُلُّهَا وَافْتَرَقَتْ الْيَهُودُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ فَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ وَهُمْ الْعِيسَوِيَّةُ إلَى جَوَازِهِ عَقْلًا وَسَمْعًا وَهُمْ الَّذِينَ يَعْتَرِفُونَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً لَا إلَى الْأُمَمِ كَافَّةً وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ إلَى امْتِنَاعِهِ عَقْلًا وَسَمْعًا وَذَهَبَتْ الْفُرْقَةُ الثَّالِثَةُ إلَى جَوَازِهِ عَقْلًا وَامْتِنَاعِهِ سَمْعًا وَزَادَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ فِرْقَةً أُخْرَى فَقَالَ وَزَعَمَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى مِنْ الْيَهُودِ أَنَّهُ يَجُوزُ نَسْخُ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ وَأَثْقَلُ عَلَى جِهَةِ الْعُقُوبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ إذَا كَانُوا لِذَلِكَ مُسْتَحَقِّينَ فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ وَقَالَتْ الْيَهُودُ بِفَسَادِهِ الْفُرْقَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ دُونَ الْجَمِيعِ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ النَّسْخَ مِثْلُ أَبِي مُسْلِمٍ عَمْرِو بْنِ بَحْرٍ الْأَصْبَهَانِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُجَوِّزْ النَّسْخَ فِي شَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْكَرَ وُقُوعَهُ فِي الْقُرْآنِ.
وَالْمُرَادُ بَعْضُ مَنْ انْتَحَلَ الْإِسْلَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لَا أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ إنْكَارَ النَّسْخِ مَعَ صِحَّةِ عَقْدِ الْإِسْلَامِ لَا يُتَصَوَّرُ فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ النَّسْخَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: النَّسْخُ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعَ وَذُكِرَ فِي الْقَوَاطِعِ أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ قَدْ ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي هَذَا مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ الْيَهُودِ وَفِرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَسَبُوهُ إلَى أَبِي مُسْلِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَحْرٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِالْعِلْمِ.
وَإِنْ كَانَ يُعَدُّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست